{وما تنقم منا} وما تطعن علينا ولا تكره منَّا {إلاَّ أن آمنا بآيات ربنا} ما أتى به موسى من العصا واليد {ربنا أفرغ علينا صبراً} اصبب علينا الصَّبر عند الصَّلب والقطع حتى لا نرجع كفَّاراً {وتوفنا مسلمين} على دين موسى، ثمَّ أغرى الملأ من قوم فرعون بموسى فقالوا: {أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض} ليدعوا النَّاس إلى مخالفتك وعبادة غيرك {ويذرك وآلهتك} وذلك أنَّ فرعون كان قد صنع لقومه أصناماً صغاراً، وأمرهم بعبادتها وقال: أنا ربُّكم وربُّ هذه الأصنام، فذلك قوله: {أنا ربُّكم الأعلى}، فقال فرعون: {سنقتل أَبْناءَهم} وكان قد ترك قتل أبناء بني إسرائيل، فلمَّا كان من أمر موسى ما كان أعاد عليهم القتل، فذلك قوله: {سنقتل أبناءهم ونَسْتَحْيِيَ نساءهم} للمهنة والخدمة {وإنا فوقهم قاهرون} وإنَّا على ذلك قادرون، فشكا بنو إسرائيل إلى موسى إعادة القتل على أبنائهم، فقال لهم موسى: {استعينوا بالله واصبروا} على ما يُفعل بكم {إنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده} أطمعهم موسى أن يعطيهم الله ملكهم ومالهم {والعاقبة للمتقين} أَيْ: الجنَّة لمن اتَّقى. وقيل: النَّصر والظَّفر.{قالوا أوذينا} بالقتل الأوَّل {من قبل أن تأتينا} بالرِّسالة {ومن بعد ما جئتنا} بإعادة القتل علينا، والإِتعاب في العمل {قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم} فرعون وقومه {ويستخلفكم في الأرض} يُملِّككم ما كان يملك فرعون {فينظر كيف تعملون} فيرى ذلك لوقوع ذلك منكم.{ولقد آخذنا آل فرعون بالسنين} بالجدوب لأهل البوادي {ونقص من الثمرات} لأهل القرى، وصرَّفنا الآيات: بيَّناها لهم من كلِّ نوعٍ {لعلهم يذكرون} كي يتَّعظوا.{فإذا جاءتهم الحسنة} الخصب وسعة الرِّزق {قالوا لنا هذه} أَيْ: إنَّا مستحقُّوه على العادة التي جرت لنا من النِّعمة، ولم يعلموا أنَّه من الله فيشكروا عليه {وإن تصبهم سيئة} قحط وجدب {يطيروا} يتشاءموا {بموسى} وقومه، وقالوا: إنَّما أصابنا هذا الشرُّ بشؤمهم {ألا إنَّما طائرهم عند الله} شؤمهم جاءهم بكفرهم بالله {ولكن أكثرهم لا يعلمون} أنَّ الذي أصابهم من الله.{وقالوا} لموسى: {مهما تأتنا به} أَيْ: متى ما تأتنا به {من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} فدعا عليهم موسى، فأرسل الله عليهم السَّماء بالماء حتى امتلأت بيوت القِبْطِ ماءً، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة.